الموضوع كامل وأرجو من المهتمين يطولو بالهم على الموضوع ويقرأوه كامل
الزمن لايأتي من لاشيء ولاينبع من فراغ بل جاء أساسا من حركة الكون المضبوطة فالكون بمثابة ساعة كونية دقيقة غاية الدقة متقنة أعظم الاتقان لأنها من صنع الله الذي أتقن كل شيء اقرأوا ان شئتم((هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ))
وغيرها من الآيات التي تشير بوضوح أو من طرف خفي الى أن الزمن الفلكي انما هو انعكاس حقيقي لحركة الكون وماحوى والفضاء وماطوى. فالزمن ليس له كيان خاص به بعد أن أصبح من عناصر المادة لأنه البعد الرابع فيها فهو حالة ذهنية قبل أن يكون حقيقة قائمة بذاتها لذا يجب أن ننسخ من أذهاننا فكرة الزمان والمكان كنعصرين منفصلين . وقد لاحظ (هنري برجون) أن الحياة أقرب الى عنصر الزمان منها الى عنصر المكان لإنها عبارة عن حركة دائبة لاتعرف الاستقرار.
أما (أنشتاين) فقد توصلت نظريته النسبية بخصوص صلة الزمن بعمر الانسان الى أن الشخص المتحرك حركة بطيئة يشيخ ويكبر قبل الشخص المتحرك حركة سريعة بل إن الشخص الذي يتحرك بسرعة الضوء يخترق حاجز الزمن ويعيش خارجة أي لايشيخ أبدا . فالحركة اذن والتسخير والمنازل والافلاك التي تسبح فيها هذه الأجرام انما هي دليلنا الى علم السنين والحساب والأرقام أو هي كما يراها العلماء حركة تؤدي الى زمن <البعد الرابع> وهكذا ارتبط الزمان بالوجود من خلال بداية ونهاية الحياة فيما تتصوره الوجودية بالعبث . و تستمر هذه الافكار في كثير من الاشعار العربية الحديثة كقول إليا ابو ماضي : جئت لا أعلم من أين و لكني أتيت ..
هل يمكن أن نفصل مشاعرنا عن الزمن من المضمون العلمي للزمن بفرض أن مثل هذا المضمون له وجود محايد خارج عالم المشاعر و داخل عالم القياس التجريبي؟ وبافتراض ان ذلك ممكن فسوف احاول في الفقرات القادمه أن ألخص أهم ما هو معروف في الوقت الحالي عن ظاهره مرور الزمن في إطار علمي لهذا المفهوم.
الزمن النفسي :
نحن نعرف جميعا ان هناك زمنا نفسيا و هذا الزمن لايمكن قياسه بطريقه علمية محايده . فكلنا نعرف تماما اننا عندما نكون في انتظار شئ هام فقد يبدو الوقت كما لو كان واقفا لايتحرك و تمر الدقيقة كما لو كانت شهرا وعلي النقيض عندما تغمرنا السعاده تمر الايام كما لو كانت لحظات قصيرة. هذا المعني للزمن ليس هو المقصود عندما نتكلم هنا عن زمن يخضع للقياس و التجربة .
بالاضافه إلي ذلك نحن نعلم انه هناك أزمنة بيلوجية بمعني أن بعض الناس يبدون اصغر كثيرا من سنهم بينما اخرين يبدون علي النقيض أكبر كثيرا مما هو حقيقة الامر. هذا ايضا ليس هو المقصود هنا بالمفهوم العلمي للزمان .
إذا كان الحال كذلك فماذا نعرف بدقه عن معني الزمن. الحقيقه ان أبسط و أدق تعريف للزمن هو ذلك الشئ الذي نقرأه ونقيسه بحركه عقارب الساعة. في الواقع كان هذا تماما نقطه إنطلاق البرت إينشتاين في استنباطه لنظريه النسبية الخاصه. وبصرف النظر عن كون إينشتاين أو لورنس أو بوانكارية هو المكتشف الاول لنظريه النسبية الخاصه فمن الواضح أن الزمن مرتبط ارتباطا وثيقا بالحركة ومن شبة المستحيل ان ينفصل عنها بطريقه منطقيه بحته.
. تصور اننا فوق خط مستقيم يمثل حركة الزمن دعنا نتصور ان اللحظه التي نعيش فيها هي نقطه علي هذا الخط . في هذه الحالة فإنه من البديهي باختيار لنقطه اماما و تعريفها علي أنها المستقبل فأن المنطق يحتم أن النقطة التي تقع خلفنا علي خط الزمن المستقيم لابد ان تمثل الماضي. مثل هذا العالم هو بالطبع عالم منطقي ويمثل تماما ما نعرفه جميعا من تجربتنا في الحياه اليومية ولكن الآن تصور أنه لسبب من الاسباب هذا الخط الزمني ليس خطا وإنما حلقه. في هذه الحاله و بافتراض اننا نمشي مع الزمن إلي الامام فأنه من البديهي أن بعد مده سوف يتحتم علينا ان نرجع مرة أخري إلي النقطة التي بدأنا منها .
وفي هذه الحاله من الواضح أن كلمة المستقبل والماضي تفقد معناها تماما وكل هذا بسبب الشكل الهندسي لخط الزمن في حاله ان لا يكون هذا الخط خطا مستقيما بل دائرة مغلقة .
الحقيقه ان شيئا من هذا القبيل هو ما اكتشفه العالم النمساوي كورت جودل عندما حاول ان يجد حلولا جديدة لمعادلات النظرية النسبية العامة التي استنبطها إينشتاين . كان جودل عالم فيزيائي ولكنه ترك الفيزياء ليصبح عالما شهيرا في المنطق و لجودل نظرية هامة جدا تعرف باسمه في الرياضيات البحتة و تعتبر من أهم النظريات الرياضية علي الاطلاق .
(السفر إلي المستقبل)
عندما هاجر جودل إلي امريكا وجد هناك أحد معارفه القدماء الا وهو البرت إينشتاين و عمل الاثنان في جامعة برنستون عددا من السنوات نشأت بينهم صداقة شخصية وعندما ساهم جودل في مؤتمر نظم لاحتفال بعيد ميلاد إينشتاين قرر جودل أن يهدي إينشتاين حلا طريفا لمعادلاته يمكن بمقتضاه من حيث المبدأ أن يرتحل الانسان إلي الماضي أو بالطبع ايضا إلي المستقبل .
بمعني أخر فقد أصبح لقصص الخيال العلمي مثل آلة الزمن للكاتب الانجليزي د. ه. ويلز اساسا علميا من حيث المبدأ علي الاقل راسخا في نظرية جودل و إينشتاين .
هناك ظواهر عديده توضح أنه يمكن استبعاد حلول جودل كحلول واقعيه لعالمنا .
فعلي سبيل المثال نحن نعلم أن عالمنا يتمدد منذ ما يسمي بالانفجار العظيم بينما لا يوجد هذا التمدد في عالم جودل الاستاتيكي وعلي النقيض فنحن نعلم ان عالم جودل يدور حول نفسه بينما لا يوجد أي دليل حتي الان علي مثل هذه الحركه في عالمنا . علي كل حال هناك العديد من الابحاث في هذا المجال إلي يومنا هذا و هناك من يحاول ربط الحركة الدورانية للجزيئات الاولية من مكونات الذرة و حل جودل عدد من الابحاث في هذا المضمار ولكن النتيجة النهائيه لاتزال موضوع النقاش و البحث .
هذا هو الوضع بالنسبة للارتحال لمسافات كبيرة كما هو الحال في النظريه النسبية العامة لإنشتاين ولكن ما هو الوضع بالنسبة للأجسام المتناهيه الصغر مثل الالكترون و خلافه من مكونات الذرة .
الحقيقه ان الوضع هنا مختلف تماما فالارتحال إلي المستقبل و إلي الماضي بالنسبة للأجسام الذريه هو شئ طبيعي منبثق من نظرية الكم و هي النظرية التي تتحكم في حركه هذه الأجسام و علي سبيل المثال عندما يرتحل الالكترون إلي الماضي فإن شحنته تنعكس و يصبح الالكترون جسما مضادا يسمي بوذترون .
مما سبق نري أن نظريه الكم التي لا تعرف للزمن اتجاها و نظرية جودل التي تسمح بالارتحال إلي الماضي كلاهما منسجمين مع بعضهم البعض بمعني من المعاني و لكن الغريب أن الموضوع يختلف تماما عندما ننظر إلي نظريات تتعامل مع بلايين من الجزيئات في نفس اللحظة كما هو الحال في التفاعلات الكميائيه و نظرية الحراريات .
ولتوضيح هذه الفكره دعنا ننظر إلي مثال بسيط للغايه. عندما نضع بعض الحليب في كوب من القهوه و نقلبه فنري أن الحليب ينتشر و يختلط مع القهوه و يتغير اللون من لون القهوة و لون الحليب إلي لون بينهما . و الحقيقة المعروفة هي أنه لا توجد أي تجربة يمكن عن طريقها فصل الحليب عن القهوة مرةأخري عن طريق ما يمكن أن نسميه الذوبان المضاد . بمعني آخر بينما يمكن أن نرتحل بالالكترون إلي الماضي و نحصل علي بوذترون فأنه لا يمكن لنا أن نرتحل بالقهوة الممزوجة بالحليب إلي الماضي و نحصل علي قهوة وحليب منفصلين .
طريق اللاعودة:
هذه الملاحظه تنطبق علي الاف الظواهر من الخلط إلي الذوبان إلي التفاعلات الكميائية و أنتقال وإنتشار الحرارة . كل هذه الظواهر تسمي الانظمة غير القابلة للرجوع الي الخلف . و يعرف الانتشار غير القابل للرجوع الي الماضي من هذا النوع كذوبان الجليد في كوب من الماء أو هروب الحرارة من فنجان ساخن من القهوة إلي الجو المحيط به بالاتجاه إلي الفوضي . بمعني أصح كل هذه الانظمة تتجه أتجاها واحدا من النظام إلي الفوضي . وبما أن الفوضي تقاس رياضيا بكمية تسمي الانتروبي فانه بامكاننا أن نقول أن هذه الكمية لا تقل أبدا و لكنها تنمو دائما . من هذه الاستنتاجات و الاعمال النظرية المرافقه لها و التي اطلع بالجانب الاكبر منها كل من الطبيب الالماني فردناند مير و الفيزيائي الالماني كلاوزيس بالاضافة للعالم النمساوي العملاق لودفج بولتسمان انبثقت فكرة وجود سهم للزمن . هذا السهم يؤشر من النظام إلي أتجاه الفوضي . بمعني أخر أتجاه الزمن هو أتجاه نمو الانتروبي و بما أن الانتروبي لا يمكن أن تقل فإن للزمن أتجاها واحدا . من هذا المفهوم أنبثقت أفكار عديدة ومنها علي سبيل المثال و ليس الحصر أن الكون ككل متجه إلي مايسمي الموت الحراري حيث تعم الفوضي التامةو لا يمكن للحياة أن تستمر .
ولقد كان العالم البريطاني الكبير سير أرثرستانلي اديتجتن أول من أطلق على ظاهرة الانتروبي والتحرك من النظام إلي الفوضي مصطلح سهم الزمان .
كان هذا باختصار الوضع إلي أن اكتشفت في الاتحاد السوفيتي عدد من التفاعلات الغريبة التي تتجه من النظام إلي الفوضي ثم ترتد مرة أخري إلي النظام بل وتتذبذب بينهما. كان أول من أكتشف تلك التفاعلات الغريبة و غير المتوقعه بتاتا العالم بلوشوف الذي فشل في نشر أكتشافه في أي مجلة علمية لانه يخالف الراي السائد في هذا الوقت و الذي لا يسمح للفوضي ان ترجع إلي النظام بطريقة تلقائية في أي تفاعل كميائي أو أي نظام حراري . بعد ذلك تمكن عالم روسي أخر سابتنسكي من الوصول إلي نفس النتائج و قدم ورقته في مؤتمر علمي . ولكن نظرية التفاعلات المناهضة لنظرية بولتسمان الكلاسيكية لم تستحوذ علي الاهتمام إلا بعد أن بسطها و شرحها أحدهم و هو الاستاذ الدكتور اليا بروجين و الذي حاز علي أعماله في هذا المضمار علي جائزه نوبل في عام 1977.
وأذا صرفنا النظر عن كون تفاعلات سابتنسكي هي تفاعلات غير هملتونية و هو ما يعني انها تفاعلات بها فقدان للطاقه فإنه يمكن القول أن هذه التفاعلات ينعكس فيها سهم الزمن بل و يتذبذب . وبذلك يمكن القول أن نظرية النسبية و نظرية الكم و نظرية الحراريات كلها يمكن أن ينعكس سهم الزمن فيها و هو عكس ما نشاهده في الحياة العادية اليومية و التي يتضح فيها سهم زمني متجها فقط إلي المستقبل .
الجدير بنا الان هو أن نتأكد أننا نفهم معني سهم الزمن. ليس المقصود بذلك أن عقارب الساعة العادية يمكن أن تدور إلي الخلف فجأة في عالمنا هذا.بل المقصود فقط أن الانتروبي ممكن أن تنقص في بعض الحالات وبما أننا و ضعنا أتجاه نمو الانتروبي مع أتجاه نمو الزمن فأن نقصان الانتروبي يعني في هذا المعني و في هذا المعني فقط أنعكاس سهم الزمن. بالاضافة إلي ذلك تسمح نظرية إينشتاين بالغاء سهم الزمن في حالتين فقط. الحالة الاولي عندما تزيد السرعة عن سرعة الضوء وهو مستحيل حسب النظريات الكلاسيكية الحالية. ثانيا في حالة السفر مسافات شاسعة تقرب من ملاين السنوات الضوئية في عالم تحكمه نظرية جودل . و اخيرا نستطيع أن نعكس سهم الزمن بصفة مستديمه عندما نتكلم عن أجزاء صغيره تحكمها نظريه الكم مثل الالكترون.
ارجع يا زمان:
هذا هو الوضع الحالي لنظرية انعكاس سهم الزمن و قد يتعجب القاري أن كثيرا من العلماء و من بينهم كاتب هذه السطور لا يزالون يشعرون بالقلق لاسباب متعدده مما سبق اعلاه لانه لا يمكن أن يكون ذلك الكلمة الاخيرة في هذا الموضوع و ربما ذكرنا علي سبيل المثال نقطتين هامتين اول نقطه أن النظرية التي تعرف باسم الفراغ الزمان الكنتوري أو نظرية مالا نهاية للبعاد لا تفرق عند المسافات المتناهية في الصغر بين الزمان والمكان البلانكي نسبة الي العالم الالماني ماكس بلانك . بالاضافة إلي ذلك هناك نظريه فلسفية جديده للعالم الانجليزي جوليان باربور والتي تؤكد أن لا يوجد شئ اسمه زمان وان الزمان ماهو إلا سراب. . و الجدير بالذكر أن إينشتاين نفسه كتب خطابات لاصدقائه في السنوات الاخيره من عمره يعبر فيها عن أعتقاده بان لا وجود لشئ أسمه الزمان بالمعني الفيزيائي للكلمة .
و الحقيقة أن الزمن وكل اسراره له دور كبير يلعبه في القصة الحديثة و لعل الروائي الفذ جمال الغيطاني هو أكثر من تكلم عن هذا الموضوع في أعماله الادبية العديدة.
((لا أعتقد اننا ابتعدنا كثيرا في هذه المقالة عن المقوله المشهوره التي أرد بها علي كلمات شاعر ويلز الشهير دلان توماس في مسرحيته الاذاعية الخالدة المسماة :تحت غابات اللبن الزمن يمر ..... أنصت الزمن يمر بقولي: لا ياصديقي ...... الزمن لا يمر ...... أنت الذي تمر .))
أخر قول لي هنا هو تساؤلي هل ياتي الزمن الذي يمكن العلم فيه من إيقاف سريان الزمن ؟ نحن نعلم أن تقنية النانو سوف تطيل عمر الانسان ربما إلي 150 او 200 سنة في الخمسين أو المائة سنة القادمة حسب أعتقادات بعض علماء المستقبل و من يعلم ربما استمر هذا الاتجاه إلي أن يوقف الزمن مرور الزمن . ولكن إلي ان يحل هذا اليوم و ربما حتي بعده لن يستطيع عقلنا البشري أن يفهم تماما المعني الحقيقي لسهم الزمن المفقود . فكل شخص اطلع على نظرية " الكم " ولم يصعق فإنه لم يفهمها .
موضوع: موضوع النظرية النسبية ونظرية الكم-كامل- 
الجمعة مارس 14, 2008 10:35 pm
