ملح التكنولوجيا نحن نخاف السقوط

مقلوبة فراولة، وقلاية أناناس مع ثوم، ومفركة كافيار، وصواني قوانص تماسيح، ومنسف على سردين... هذا هو المطبخ الحديث، وهذه هي الطريقة الجديدة لدخول سلم العولمة، الذي نسقط من فوقه بعد الدرجة الرابعة.
ما زلت، رغم غرقنا القديم بمياه العولمة، أسأل نفسي: هل الكمبيوتر والإنترنت والـ"موبايل"، والسيارات الحديثة، والملابس شبة العارية، والـ"تاتو"، وقصات الشعر المتنوعة، و"الديجيتال" والفضائيات، هي الحياة الجديدة التي تمنعنا من لمس التراب؟!
لست رجعيا، ولا يهمني من يصفني بالرجعية، أو التخلف، أو الـ"هبل". المهم أن الحياة ملوثة ووسخة؛ جاءتنا بسهولة، وسترحل بسهولة، ونرحل معها.
أنا أعشق رائحة الياسمين الطبيعي، ولم أقتنع قط بالورد الصناعي، ووجود "فلس" في جيبي يشعرني بالأمان أكثر من وجود ألف بطاقة صراف آلي.
لقد أصبح كل شيء في عالمنا صناعيا، وتحول الكلام إلى لغة الـchat" "، والحب عبر أثير الـ"موبايل"، وما أدراكم ما الـ"موبايل"؟!
نجلس أمام التلفزيون، "نتدوّر" حول الفضائيات، مثلما تدوّر هنود حمر حول نار تشتعل. ونعتقد بأننا تقدمنا، ونقول: "أوصلتنا التكنولوجيا لأبعد الحدود"! وكل الإحصائيات تثبت بأننا ما زلنا عبيدا للتكنولوجيا؛ فنحن شعوب الرقص والغناء، والـ"كومبرس"، لا ننبس ببنت شفة، بل نقف في طابور "شحدة" التكنولوجيا، حاملين بأيدينا طبقا أو صحنا صدئا، و"نشحد" منهم "موبايل" حديثا، أو "كومبيوتر" موديل بنتيوم "15"، أو قصة شعر جديدة، أو بنطلون جينز يلتصق بأجسادنا حتى الموت. وفي النهاية يقدمون التكنولوجيا، ونحن نضحك ونصفق لهم!
السمكة والكمبيوتر
قديما كانوا يقولون: "لا تعطني سمكة، ولكن علمني كيف أصطاد". وأنا أقول اليوم: "لا تعطني كومبيوتر، بل علمني كيف أصنعه".
بصراحة... "الحمير القبرصية" تعرف كيف تستخدم الكومبيوتر، وتماسيح أدغال إفريقيا تعرف كيف تتصل بالـ"موبايل"، وفيلة الهند تجيد ارتداء بنطلون الجينز، وقردة الشمبانزي تقص شعرها "كريزي"، أو "فيرزاتشي"، وبطاريق القطب المتجمد تعرف الأكل بالشوكة والسكين.
نحن نجيد أكروبات السيرك، ونستطيع أن نمشي على الحبل المعلق بأعلى صالاته، ونخاف أن نسقط... نعم؛ نخاف السقوط... فماذا إذن استفدنا من التكنولوجيا؟

الكاتب : خالد إدريس

موضوع رائع وكلمات أحلى ومعبرة

مشكور